مـا انتِ بـدارِ بقـاء
بسم الله الرحمن الرحيم
ما أنتِ بدار بقاء
بقلم الطالب : قاسم أبو شلظم .
نظرتُ اليكِ نظرة اثقلت كاهلي ، فقررتُ ان آخذكِ بعيني واتلمسكِ ببصيرتي عَلي اعرف قيمتكِ في نظر العارفين ، ومَجدكِ في قلوب المتعلقين به العاملين اليكِ ، العائشين من أجلكِ ، السائرين فيكِ ، الكادون لرضا اهلكِ . نَظرتُ اليكِ فوجدتُكِ لا تستحقين كل هذه القيمة التي اوليها لكِ ؛ لا تستحقين أن أبيعَ من أجلك صرحا لا يوصف ولا يخطر على قلب بشر ، أأسير وراءك ؟ وراء ظلمكِ ؟ وراء تلاحم البشر عليكِ ؟ وراء سعي البشر للنيل منكِ بقدر الاستطاعة ؟ أأسير الى هذا السبيل أم أقف برهة لأعرف قيمتك الحقيقة ؟! انكِ لستِ الا كظل شجرة استظل بها ثم الى دياري ، افترق الى دياري التي حلمت أن اعيش فيها بسكون بعدما عملت على بناء بيتي .. هناك عملت اياما طوالا وسهرت ليالىِ مظلمات أناجي خالقي لعلي افوز ببيت لا يعدله وصف فيكِ يا فانية . اأتمسك بكِ وأنتِ ضيعتِ أقواما في سبيل ما جعلتيه لهم عزًا فاضحوا يعرفون قيمة العز حقا ولكن عد ان استبان السبيل ؟ لقد أبصرتك وعلمتُ انكِ لا محالة زائلة فقررت ان اعتزلك عزلة لا رجعة فيها الى اهواءك، اعتزلتك كي اعمل لدار اقامة دائمة وليست كمثلك تعلقني بها ثم افارقها او تفارقني فراقا ابديا. فلما الانجرار وراءك وانتِ لستِ لحيّ ٍ وطنًا ؟ ولما اتبعكِ وانتِ أذللتِ أقواما فيكِ ورفعتِ آخرين دون التنبه الى تقواهم وصلاحهم ؟ فالتقوى والصلاح سبيل فيكِ يجب ان يسلكه كل من يعيش فيكِ كي لا تستطيعينَ اغراءه وتضييع فرصة عظيمة ، بل واعظم من عظيمة من بين اليد . يكفيني فيكِ قول ربي : "[ انا جعلنا ما على الارض زينة لها لنبلوهم أيهم احسن عملا]" (الكهف ، 7) ، فلذا وضعتك جانبا في سلم حياتي حيث سبقتكِ بدرجات جنة عرضها كعرض السماوات والارض ، لا كدر فيها كما فيكِ .. يا دنيا لا تنغيص فيها .. فيها بساتين ليست كبساتينكِ ، فيها طعام ليس كطعامكِ يا زائلة . اني اطمع فيها وليس فيكِ يا دار الانس ، فانتِ لا محالة مرتحلة. قررت ان ازهد فيكِ يا دنيا واتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل :" من أصبح وهمه الدنيا شتتَ الله عليه امره وفرق عليه ضيعته وجعل فقره بين عينيه ولم ياته من الدنيا الا ما كُتِبَ لَهُ ، ومن أصبحَ وهمه الآخرة جَمع الله له همه وحفظ عليه ضيعته، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة " . ونهاية ً يسعدني أن اختم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل :" اذا رايتم العبد وقد أُعطيَ صمتا وزهدا في الدنيا فاقتربوا منه فانه يلقى الحكمة " - (رواه ابن ماجه من حديث ابي خلاد بسند فيه ضعف)- ، وقال تعالى : ومن اوتي الحكمة فقد أوتيَ خيرا كثيرا " (البقرة ، 296). مع رجائي من الله سبحانه وتعالى ان لا اخطىء صوابا وأسأل الله لي ولكم العفو والعافية .
ملاحظة هامّة من قِبل إدارة الموقع :
جميع المقالات التي تُـنشر في هذه الزاوية ، تعبِّر عن رأي كاتِـبيها ولا تُـعبِّر عن رأي هيئة إدارة الموقع .